الٱن

01/07/2019

تباين آراء نواب البرلمان بخصوص أولوية إرساء المحكمة الدستورية قبل حلول العطلة البرلمانية

طرح غياب مؤسسة المحكمة الدستورية في ظل "الوعكة الصحية الحادة" (حسب وصف رئاسة الجمهورية)، التي ألمت برئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي مؤخرا، جدلا كبيرا في الوسط السياسي بخصوص الصلاحيات الموكولة لهذه المحكمة في معاينة الشغور الوقتي أو النهائي في منصب رئاسة الجمهورية، والمأزق القانوني الذي طرحه عدم تركيز هذه المحكمة بعد خمس سنوات من عمل أول برلمان بعد دستور جانفي 2014.

وقد تباينت آراء النواب بمجلس نواب الشعب حول هذا الموضوع، بين من رأى أن هذه الأزمة الأخيرة يمكن أن تكون حافزا للبرلمان لاستكمال انتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين (ينتخب البرلمان 4 أعضاء للمحكمة الدستورية، انتخب منهم عضو واحد فقط)، ومن رأى أن الشهر المتبقي في عمل المجلس، قبل العطلة البرلمانية، غير كاف لإرساء هذه المحكمة.

فقد دعا النائب ياسين العياري (مستقل)، إلى عقد جلسة مفتوحة لمجلس نواب الشعب، لا ترفع إلا بعد إنتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وإلى أن يسارع رئيس الجمهورية، إن سمحت صحته، بتعيين الأربعة أعضاء الذين يتعين عليه تعيينهم.

وذكر بأن حالة الطوارئ تنتهي يوم 4 جويلية الحالي وهي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية، باعتباره الوحيد الذي يخول له القانون الإمضاء على التمديد في حالة الطوارئ، فضلا عن ضرورة أن يقوم يوم 6 جويلية بدعوة الناخبين الى الانتخابات التشريعية والرئاسية وهي كذلك صلاحية حصرية له، مؤكدا في الآن ذاته، أن الشرط الوحيد للقطع مع حالة الضبابية، هو عودة رئيس الجمهورية إلى سالف نشاطه لتجنب مآزق دستورية وقانونية كثيرة.

من جهته، قال النائب غازي الشواشي (الكتلة الديمقراطية، معارضة ) "يبدو أن الوقت المتبقي في عمل البرلمان غير كاف لإرساء هذه المحكمة"، ملاحظا أنه يجب أن تسبق الانتخابات جلسة توافقات بين الكتل، نظرا إلى أن الأغلبية المعززة (145 نائبا) لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية تتطلب أكبر قدر ممكن من التوافق على الأسماء المقترحة.

وبين أنه من الممكن لمجلس نواب الشعب أن يقوم مقام المحكمة الدستورية، ويعاين الشغور الوقتي أو النهائي ويعين الشخصية المطلوبة حسب الدستور، مشيرا إلى أن الكتلة الديمقراطية كانت قد نبهت إلى هذا الأمر مرارا وتكرارا حتى قبل الوعكة الصحية لرئيس الجمهورية.

أما النائب كريم الهلالي (كتلة الائتلاف الوطني، حكومة)، فقد لاحظ أنه من الممكن التوافق بين النواب، وانتخاب الثلاثة أعضاء المتبقين للمحكمة الدستورية، غير أن الإشكال يتجاوز البرلمان، حسب رأيه، حيث يجب أن يدعو المجلس الأعلى للقضاء إلى الانتخابات لانتخاب الأربعة أعضاء الذين ينتخبهم القضاة لعضوية هذه المحكمة، وهو أمر غير متوفر في الوقت الحالي ويتطلب وقتا طويلا نسبيا.

واعتبر أن مقترح إحالة مهام المحكمة الدستورية إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين (مقترح تقدمت به حركة النهضة )، يعد مقترحا غير عملي حاليا، نظرا إلى أن تغيير صلاحيات الهيئة الوقتية يتطلب تدخلا تشريعيا عن طريق سن نص قانوني يمنحها صلاحيات جديدة.

من جهته، أكد النائب حسونة الناصفي (رئيس كتلة الحرة لحركة مشروع تونس)، أنه من غير الممكن استكمال إرساء المحكمة الدستورية في هذا الوقت بالذات، نظرا إلى أن أسباب التعطيل لم تنتف، حيث مازالت كل الكتل متمسكة بمرشحيها لهذه الهيئة، وبالتالي فإن التوافق يبدو بعيد المنال في هذه الفترة.

وأشار الى إمكانية أن يكمن الحل لدى مجلس نواب الشعب ليتحمل المسؤولية في معاينة الشغور الوقتي أو النهائي وإيجاد الحل الدستوري لذلك.

أما حركة النهضة، فقد دعت في بيان اليوم الاثنين، إلى الإسراع بتركيز المحكمة الدستورية، مقترحة في هذا الصدد، "تعديل قانون الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لتتولى اختصاص المحكمة الدستورية في هذا المجال".

يذكر أن الأحكام الإنتقالية لدستور جانفي 2014 ، نصت على ضرورة أن "يتم في أجل أقصاه سنة من انتخاب المجلس الأعلى للقضاء، إرساء المحكمة الدستورية".

وقد عرف الفصل 118 من الدستور المحكمة الدستورية بأنها "هيئة قضائية مستقلة"، تتركب من 12 عضوا يكون تسعة أعضاء منها وجوبا من المختصين في القانون الذين يتمتعون بخبرة تزيد عن 20 سنة. ويتم تعيين اعضاء المحكمة الدستورية من قبل رئيس الجمهورية (يعين 4 أعضاء) ومجلس نواب الشعب (ينتخب 4 أعضاء) والمجلس الاعلى للقضاء (ينتخب 4 أعضاء).

وتعمل المحكمة الدستورية بالخصوص على مراقبة دستورية مشاريع القوانين والمعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية، كما تقر الشغور الوقتي أو النهائي في منصب رئيس الجمهورية حسب الفصل 84 من الدستور، وتبت في النزاعات المتعلقة بالاختصاص التي يمكن أن تحدث بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.

وفي صورة حدوث شغور وقتي في منصب رئيس الجمهورية، فإن المحكمة الدستورية تجتمع لإقرار حصول هذا الشغور، وعندما يقرر رئيس الجمهورية الاستقالة من منصبه يتولى تقديم استقالة كتابية الى رئيس المحكمة الدستورية.

أما في صورة حصول الوفاة أو العجز الدائم أو حدوث أي سبب من أسباب الشغور النهائي في منصب رئيس الجمهورية، فان المحكمة الدستورية تقوم باقرار هذا الشغور، ثم تعلم به رئيس مجلس نواب الشعب، وعلى من سيتولى القيام بمهام رئاسة الجمهورية تأدية اليمين الدستورية امام المحكمة الدستورية في صورة حل مجلس نواب الشعب.

الاكثر قراءة