إعلان

هل يتم إلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية المصرية قريباً؟

المصدر: النهار العربي
القاهرة-غادة قدري
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي
A+ A-

مرة أخرى تعود قضية إلغاء خانة الديانة من بطاقات الهويات الشخصية للمصريين لتتصدر الحديث بين التنويريين، بخاصة بعد إشارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في إحدى المداخلات التلفزيونية، إذ أثار قضية تجديد الخطاب الديني، وتشكيل الوعي في المجتمع، وتطرق إلى مشكلات العقيدة لدى المصريين. 

 

وقال السيسي في مداخلة تلفزيونية، قبل أيام قليلة: "كلنا أتولدنا المسلم وغير المسلم بالبطاقة والوراثة، لكن هل أحد يعرف أنه يجب أن نعيد صياغة فهمنا للمعتقد الذي نسير عليه؟".

 

وأضاف الرئيس المصري: "كنا صغاراً لا نعرف.. وحين كبرنا.. هل فكرت أم خايف تفكر في المعتقد الذي تسير عليه صحيح أم خطأ؟ هل فكرت في السير بمسيرة البحث عن المسار حتى الوصول إلى الحقيقية؟".

 

ويبدو أن حديث السيسي أعطى الضوء الأخضر للنشطاء والمثقفين لإثارة أزمة المعتقدات والعنصرية والتمييز مرة أخرى معتبرين أن حديث الرئيس قد يبدو إشارة لإزالة خانة الديانة من بطاقات الرقم القومي وجوازات السفر.

 

مطلب قديم

وتعود أزمة خانة الديانة إلى عام 2006، حيث نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان ورشة عمل لمناقشة مقترح بحذف هذه الخانة من البطاقة الشخصية.

وفي عام 2007 أثارت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الأزمة بسبب انتهاكات تعرض لها مواطنون مصريون بعد تعسف مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية في إثبات معتقداتهم الحقيقية في الأوراق الرسمية.

 

 وأطلق نشطاء في عام 2013 حملة إلكترونية على موقع "فايسبوك" تحت عنوان "حاجة تخصني"، طالبوا فيها بحذف خانة الديانة من البطاقة.

وفي عام  2016 بادرت نقابة المهندسين المصرية وجامعة القاهرة وطالبتا بإلغاء خانة الديانة من كافة الأوراق والشهادات المتعامل بها في الجامعة وفي شهادة طلب قيد المهندس الاستشاري.

لكن هيئة كبار العلماء في الأزهر خرجت ورفضت إلغاء خانة الديانة من البطاقة.

 

وعقب تصريحات الرئيس السيسي الأخيرة حول المعتقدات، خرج مستشار الكنيسة القبطية في مصر نجيب جبرائيل، وأقام دعوى قضائية، طالب فيها بإلزام وزير الداخلية ومساعده لقطاع الأحوال المدنية بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي.

ويرى جبرائيل، أن الرئيس المصري في حديثه الأخير بدا داعماً لأن يتسم المواطن المصري بمزيد من الرؤية والوعي، في ظل ما تشهده مصر من مناخ ديموقراطي يهدف إلى ترسيخ مبادئ المواطنة وعدم التمييز بين الناس على أساس الدين أو العرق أو اللغة.

 

إقصاء وظيفي

وقال مستشار الكنيسة القبطية في حديثه مع "النهار العربي": "السيسي يدعم هذا الاتجاه، وهو ما شجعنا على رفع قضية كنا قد طالبنا بها من عقد مضى، ولم تكن الدولة تستجيب آنذاك لهذا الموضوع".

 

 وأشار جبرائيل إلى أن "وجود خانة الديانة في الرقم القومي ترتب عليه مساوئ كثيرة، منها إقصاء الأقليات والمسيحيين من بعض الوظائف العامة، ووصل الأمر إلى الأندية الرياضية".

 

ولفت جبرائيل إلى "تخوفات الأزهر الشريف من إلغاء خانة الديانة بسبب أن يكون هناك زواج مختلط بين مسيحي يتزوج مسلمة، أو في المواريث"، وحول هذه التخوفات، أكد أن "هناك شهادة الميلاد تثبت الديانة، وعندما يتزوج المسيحي يتم إصدار شهادة خلو الموانع من الكنيسة، وتالياً يتعذر الوقوع في هذا المحظور، إذاً لماذا الإصرار على وجود خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي؟".

 

أمور شكلية

ويقف الصحافي أحمد الصاوي ورئيس تحرير جريدة "صوت الأزهر" موقفاً محايداً من هذه الأزمة، فهو لا يؤيد ولا يعترض، ويعتقد أنها "أزمة غير ضرورية ولن تحدث فارقاً كبيراً".

 

 ويرى رئيس تحرير الجريدة الرسمية لمشيخة الأزهر أن "خانة الديانة أمر شكلي، ربما تساهم إزالتها في عدم التمييز، لكن الواقع يؤكد أنه لو كانت هناك رغبة في التمييز في أي مؤسسة من المجتمع، فالتمييز سيحدث بسبب الأسماء التي تشير إلى الهويات الدينية لأصحابها".

 

وأشار الصاوي في حديثه مع "النهار العربي" إلى أن "الدولة تتجه نحو الرقمنة، وهناك رقم قومي لكل مواطن، واتجاه لتوحيد شبكات المعلومات الحكومية، وكل المعلومات الخاصة بكل مواطن ستكون متاحة على بطاقة هويته".

 

وحول التحفظات لدى المعترضين على إزالة خانة الديانة قال: "قد تحدث مشكلات في مسائل الزواج"، لكنه يعتقد أن "منظومة توثيق الزواج في مصر ضامنة من الخداع".

 

مواجهة الإرهاب أهم ّ

يرى الدكتور عبدالمنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة والمشرف العام على أروقة الأزهر، أن "هذه القضية مسألة تنظيمية من اختصاص الدولة".

 

وأكد أستاذ العقيدة والفلسفة الى "النهار العربي" أنه  "لا نستطيع أن نقول فيها أنها حرام أم حلال" مشيراً إلى إيجابيات الإبقاء على "خانة الديانة" ففي تقديره أنها تبيّن من الذي يستحق الميراث، ومهمة في عقود الزواج ليتم التعرف إلى هذا من ذاك، إذ  تشابهت الأسماء بين المصريين، بالإضافة إلى مسائل الدفن التي يراها فؤاد ضرورية في حالة إذا وقع حادث ما لأحد الأشخاص ولم يتم التعرف إلى هويته، ففي أي مكان يتم دفنه؟

 

وتابع المشرف العام على أروقة الأزهر "أن المثيرين لتلك القضايا يفتعلون معركة في غير معترك، لا أحد يشكو من هذا الموضوع لا من مسلمين ولا من مسيحيين، ولم نسمع عن شخص ما أوقفته الشرطة بسبب ديانته، هذا الكلام ليس موجوداً في بلادنا".

 

ويعتقد فؤاد أن "هناك من يريد أن يشغل المجتمع بأمور غير ضرورية، بدلاً من توعية الشباب وتحصينهم ضد التطرف والإرهاب. هناك ضرورة تجديد الخطاب الديني بصورته السليمة، بدلاً من الحديث عن قضية خانة الديانة" التي وصفها بـ "سفاسف الأمور".

 

رموز وأرقام

من جانبه، يرفض الدكتور أحمد جمعة المحامي بالنقض، أن يكون هناك تمييزاً على أساس الدين، ويعتقد أن هناك حلولاً بديلة لحفظ المعلومات مع الإشارة إليها من دون كتابتها في بطاقات الهوية.

وأوضح المحامي بالنقد الى "النهار العربي" أن "الهوية الشخصية تحتوي خانة الجنسية التي تحكم قواعد المواطنة. أن جميع المواطنين المصريين سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين أو يهوداً أو حتى بهائيين، وأي ملة أو طائفة أو لون، جميعهم وفق الدستور المصري متساوون في الحقوق والواجبات".

 

وبحسب المادة 53 من الدستور، فإن "التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".

 

ويرى جمعة  أن "وجود هذه الخانة من عدمه لا يؤثر في انتماء الإنسان لدينه ووطنه، ورغم ذلك فإن غياب هذه الخانة قد يترتب عليه صعوبات كبيرة في بعض الإجراءات الإدارية، لذا يقترح المحامي إضافة رموز أو أرقام لتمييز الديانة بدلاً من كتابتها مثل رمز (#) للمسلم و(*) للمسيحي و(-) لغير المسلمين والمسيحيين، لافتاً إلى أن مجلس الدولة حكم للبهائيين سابقاً بإضافة رمز (-) بدلاً من الديانة".

 

واختتم جمعة حديثه بأن "هناك بعض المعلومات غير مكتوبة في بطاقات الرقم القومي، لكن تشير لها رموز وأرقام مثل محل الميلاد المرموز إليه بأرقام، وكذلك المطلقين لا تتم كتابة حالتهم الاجتماعية وتترك الخانة فارغة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار العربي الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم